الأربعاء, 10/03/2007 - 16:32
الكاتب: محمد سعدو الجرف
يعاني كثير من الأوقاف في الوقت الحاضر وبخاصة الصغيرة منها ثباتا، وربما تدنيا أو انعدام منفعتها، وذلك إما لانخفاض الإيراد المتولد عنها بافتراض ثبات تكلفة التشغيل والإدارة، وإما لارتفاع تكلفة الإدارة والتشغيل بافتراض ثبات الإيراد المتولد عنها، وإما لكلا الأمرين معاً، ما يعني الحاجة إلى إيجاد وسيلة تمكن من خلالها زيادة منفعة الأوقاف بزيادة إيراداتها بافتراض ثبات نفقاتها التشغيلية، أو بخفض نفقاتها التشغيلية بافتراض ثبات إيراداتها، أو بالأمرين معاً.
ولما كان العصر الحاضر هو عصر الاندماج بين المشاريع، وعصر المشاريع الكبيرة وذلك لزيادة منفعتها بزيادة الإيرادات المتولدة عنها إلى أقصى حد ممكن بافتراض ثبات نفقاتها، أو بتقليص نفقاتها إلى أدنى قدر ممكن بافتراض ثبات إيراداتها، أو بالأمرين معاً، فقد هدفت الاتجاهات الحديثة في تأسيس وإدارة الأوقاف في الدول الإسلامية، وغير الإسلامية إلى تحقيق أقصى منفعة ممكنة من الوقف، باتباع أحد تلك الخيارات. وإذا كان تحقيق أقصى منفعة ممكنة من الوقف ممكناً في الأوقاف الكبيرة، فإنه من الممكن أيضاً زيادة منفعة الأوقاف الفردية الصغيرة القائمة بتحويلها إلى أوقاف جماعية كبيرة، وإدارة أصولها على أسس اقتصادية.
فقد أظهر عدد من الدراسات المسحية، والتجارب العملية أن الأوقاف الكبيرة تحقق عوائد مالية أكبر في الأجل الطويل، مقارنة بالأوقاف الصغيرة، مما يزيد منفعتها، ويدعم بقاءها واستمرارها في الأجل الطويل، مقارنة بالأوقاف الصغيرة، ومما يعني بالتالي تحقيق المقصد من الوقف وهو: الدوام، والاستمرار. كما أظهر بعض التجارب العملية المحلية زيادة منفعة الأوقاف الصغيرة نتيجة دمجها لتكوين مشاريع كبرى، وإدارة أصولها وفق أسس اقتصادية.
وقد تمثل أبرز ملامح تلك الاتجاهات فيما يأتي:
1 ـ تأسيس الأوقاف الجماعية الكبيرة، ذات القدرة على البقاء والمنافسة، بدلاً من الأوقاف الفردية الصغيرة. حيث يعد تأسيس الأوقاف الجماعية الكبيرة وسيلة من وسائل تحقيق أقصى منفعة ممكنة من الوقف. وقد تجلى ذلك واضحاً في الواقع العملي في انتشار الصناديق الوقفية، وطرح الإسهام فيها من خلال ما يسمى الأسهم الوقفية.
2 ـ إدارة الوقف وأصوله وفق أسس اقتصادية، أسوة بإدارة المشاريع الخاصة.
3 ـ دمج الأوقاف الصغيرة بصور مختلفة للحصول على أوقاف كبيرة، وبالتالي تحقيق أقصى منفعة ممكنة منها.
وقد استندت هذه الاتجاهات في تحديد ملامحها إلى معيار المصلحة المتمثلة في الحصول على أقصى منفعة ممكنة من الوقف بالنسبة إلى الواقف، وبالنسبة إلى الموقوف عليه، الذي يعني بدوره المحافظة على دوام واستمرار الوقف.
* أستاذ في جامعة أم القرى
Mjarf2000@yahoo.com