دور أدوات الحوكمة في تطوير مؤسسات الأوقاف
بحث مقدم الى المؤتمر العام الثانى عشر بعنوان:" الادارة الرشيدة وبناء دولة المؤسسات"، المنظمه العربيه للتنميه الاداريه ، القاهرة – جمهورية مصر العربية ،ذلك خلال المدة 8 - 10 سبتمبر (أيلول ) / 2012
إعداد:حسين عبد المطلب الأسرج
ماجستير الاقتصاد،دبلوم معهد التخطيط القومى،باحث اقتصادى أول ومدير إدارة بوزارة الصناعة والتجارة الخارجية المصرية
E.Mail:hossien159@gmail.com
]دور أدوات الحوكمة في تطوير مؤسسات الأوقاف
الملخص
تهدف هذه الورقة إلى إلقاء الضوء على مفهوم أسلوب ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة لمؤسسة الوقف الاسلامى، أو ما اصطلح على تعريفه اختصارا باسم " الحوكمة ". ومما لا شك فيه أن حوكمة الوقف أصبحت تحتل أهمية كبيرة الآن، في ظل ما يشهده نظام الوقف من تحول ، حيث تتمثل الاتجاهات الحديثة في تأسيس الأوقاف في الوقت الحاضر إما في تأسيس أوقاف جماعية كبيرة من حيث القيمة السوقية لأصولها، وفي النظر إلى الوقف بمثابة مشروع تجاري، من حيث هيكله التنظيمي، ومن حيث إدارة أصوله على أسس اقتصادية ،ويتكون رأس المال من قسمين: أحدهما وقفي، والآخر استثماري.أو تأسيس صناديق وقفية كبيرة بالنظر إلى القيمة السوقية لأصولها، تعتمد في رأسمالها على التبرعات، وعوائد استثمارها فقط، وتدار على أسس اقتصادية.ولعل هذا الموضوع يزداد أهمية في ظل ما يستتبعه ذلك من ضرورة مراقبة هذا الدور وتقويمه، والوصول بأداء مؤسسة الوقف إلى أفضل مستوى ممكن.
]دور أدوات الحوكمة في تطوير مؤسسات الأوقاف
المقدمة:
مشكلة البحث
إن تاريخ الوقف يرجع إلى فجر الإسلام وقد دلّ على مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع وأن الوقف من أفضل وجوه الإنفاق، وأعمها فائدة وأدومها نفعاً وأبقاها أثراً. ولقد تعاظم الاهتمام بمفهوم وآليات الحوكمة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة،أصبحت الحوكمة من الموضوعات الهامة علي كافة المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في أعقاب الانهيارات المالية والأزمات الاقتصادية، والتي جاءت كنتيجة مباشرة للقصور في آليات الشفافية والحوكمة ببعض من المؤسسات المالية العالمية،وافتقار إدارتها إلي الممارسة السليمة في الرقابة والإشراف ونقص الخبرة والمهارة ،التي أثرت بالسلب في كل من ارتبط بالتعامل معها،سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.ورغم تراجع دور الوقف إبان حقبة الاستعمار إلا أن الآونة الأخيرة شهدت توجها جادا لتفعيل دور الوقف في المجتمعات الإسلامية. في إطار ذلك التوجه تحتاج مؤسسة الوقف الى تطبيق مبادىء الحوكمة باعتبارها الإطار الصحيح لتطوير أداء مؤسسة الوقف في ربوع وطننا العربي وعالمنا الإسلامي،خاصة مع ما تشهده الأعمال الوقفية من تطور واكتسابها طابعًا مؤسساتيًا، بعيدًا كل البعد عن العفوية والارتجالية.
وبالنظر الى ناحية ادارة الوقف نجد ان هناك عدد من المجموعات الموجودة أصلا والمؤثرة فعلا فى المشاريع الوقفية حيث نجد مجموعات مثل المشروع الوقفي ( الموقوف) والشخص المتبرع ( الواقف) والمستفيدين ( الموقوف عليهم) والجهة المنظمة للوقف والإدارة التنفيذية للمشروع الوقفي إلى آخره. الأمر الذى يستوجب ضرورة توظيف مبادئ وأسس الحوكمة في سبيل تحسين أداء المشاريع الوقفية لتحقق الاهداف المناطة بها،وترتيب العلاقات فيما بينها وتفعيل المسائل المتعلقة بالرقابة والتحكم في المشروع الوقفي ( الحوكمة الإدارية) وفق مبادئ وأسس واضحة للارتقاء بالأداء فى جو عام من الإفصاح والشفافية والمسؤولية تجاه جميع أصحاب العلاقة بمؤسسة الوقف.
هدف البحث
نظراً لوجود ثقافة إسلامية متميزة واهتمام كبير بالمعاملات المالية والعلاقات الاقتصادية التى يمثل ضبطها محل الحوكمة،فان هذا البحث يهدف إلى دراسة الحوكمة كمدخل لتطوير العمل الوقفى.
أهمية البحث
يستمد هذا البحث أهميته من تزايد الاهتمام بكل من دور الوقف التنموى والحوكمة وكون أسسها ومبادئها وآلياتها تعد من المفاهيم الحديثة على المستوى العالمي بصفة عامة ، وعلى المستوى المحلي بصفة خاصة.وان الوعي بهذه المفاهيم وتطبيقاتها يؤدي إلى تحقيق قدر كبير من الشفافية والعدالة ، وكذلك منح حق مساءلة مؤسسة الوقف ، وبالتالي حماية حقوق الواقفين وجميع أصحاب المصالح فيها ، والحد من مشكلة الفساد المالي والإداري ، الذي يتمثل بشكل كبير في استغلال السلطة والوظيفة في غير المصلحة العامة ، مما يؤدي إلى زيادة كفاءة أداء هذه المؤسسة وتعظيم قيمتها.
فرضية البحث:
- إن الالتزام بتطبيق الجوانب الفكرية للحوكمة على مؤسسة الوقف سينعكس بشكل جيد على أدائها بأبعاده التشغيلية والمالية والنقدية ، وكذلك على المقاييس المختلفة المستخدمة .
- أن تطبيق الحوكمة يساعد على إيجاد مفهوم ومقاييس شاملة لأداء مؤسسة الوقف مما يدعم من قدراتها على الاستمرار والنمو ويحقق مصالح الفئات المختلفة المتعاملة معها.
أسلوب البحث
يعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي لموضوع الدراسة، وهذا المنهج معمول به في كثير من البحوث والدراسات ، خاصة تلك التي تتناول ظواهر اجتماعية تتعلق بالممارسات اليومية ، حيث تم الاطلاع على عدد من البحوث والدراسات المنشورة في الدوريات والمجلات العلمية المتخصصة ، وكذلك المنشورة على شبكة الانترنت ، بالإضافة إلى الاطلاع على آليات وقواعد الحوكمة الصادرة عن المنظمات والهيئات العالمية والمحلية ، وأخضعت للتحليل والمناقشة بما يخدم أهداف البحث ، ومن ثم اقتراح بعض التوصيات التي قد تساهم في اعطاء مرجعية مفيدة لمؤسسة الوقف .
أولا: العوامل التاريخية التي أثرت على مؤسسات الأوقاف:
لعب نظام الوقف الإسلامي دورًا هامًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الإسلامية عبر العصور المختلفة منذ بعثة النبى محمد صلى الله عليه وآله وسلم حتى نهاية عصر الدولة العثمانية، بيد أن العصور التالية شهدت تراجعًا وتهميشًا لدور الوقف في العديد من المجتمعات الإسلامية في ظل خضوعها لنفوذ الدول الأجنبية المحتلة التي حرصت على الضغط على حكومات هذه الدول لتعطيل دور الوقف وإصدار قوانين وقرارات لإلغاء الوقف بنوعيه الأهلي، والخيرى بل قامت بعض دول الاحتلال بمصادرة الأوقاف الإسلامية، وقامت بعض السلطات الحاكمة في بعض الدول الإسلامية بتأميم الأوقاف الأهلية، كما خضعت بعض ممتلكات الأوقاف في بعض الدول الإسلامية الأخرى لتعدي الأفراد والاستيلاء عليها بدون وجه حق.
وقد سعت الإدارات الاستعمارية إلى القضاء على الأوقاف جهد استطاعتها وذلك باستخدام العديد من الأساليب وأهمها ما يلي
)
أ- إقناع القائمين على الوقف والشعوب المستعمرة بأن الوقف تصرف غير اقتصادي أو غير رشيد بسبب ما يترتب عليه من تفتيت الملكية الخاصة ومن ثم ضعف إنتاجيتها وأهمية تمكين الإدارات الاستعمارية من استلام أموال الوقف للعمل على استخدامها بشكل اقتصادي ينتج عن تعظيم العوائد على استثماره.
ب- العمل على قطع الصلة بين الوقف والموقوف عليهم أو المستفيدين من الوقف وذلك عن طريق تحويل عوائد الأوقاف إلى الحكومات المركزية وصرف رواتب للمستحقين للوقف من خزانة الدولة بحيث تأتي رواتبهم من الإدارة الاستعمارية ومن ثم عدم استقلال المستفيدين والعلماء والطلاب والتحكم في إرادتهم والولاء للمستعمرين وليس للوقف أو الواقفين.
ت- إصدار قوانين وتشريعات تمنع ظهور أوقاف جديدة والقضاء نهائيا على الوقف لصالح الذرية وهو أهم أشكال الوقف الخيري.
ث- الاستيلاء على الأوقاف بصورة نهائية ووضع يد الإدارات الاستعمارية عليها أوتحويلها لخدمة المستعمرين أنفسهم مثلما حدث في شمال أفريقيا عندما حولت الأوقاف من أجل الإنفاق على الفرنسيين العاملين في دول شمال أفريقيا.. وقد تكررت سياسة العداء الاستعماري للوقف الإسلامي في العديد من الدول الإسلامية ابتداء من الهند إلى المغرب الأقصى مرورًا بكافة الدول والمجتمعات الإسلامية بهدف القضاء على كافة المؤسسات القادرة على تحقيق استقلالية هذه المجتمعات، وعلى كل ما يمثل بؤرًا تجتمع حولها الطاقات والكفاءات والتي تهدد بقاء الاستعمار أو الثورة عليه باعتبار ان الوقف يمثل الضمانة الاقتصادية المهمة لاستمرار الوظائف الاجتماعية الأساسية.
إن تفشي الفساد وعدم الخبرة لدى الكثير من نظار الأوقاف، كان سبباً في ضياع الكثير منها ما أدى إلى دفع السلطات الحكومية إلى تولي أمر الأوقاف بنفسها. وفي منتصف القرن الماضي أصدرت الدولة العثمانية قانوناً للأوقاف ثم أنشأت وزارة خاصة للأوقاف، واستناداً إلى ذلك القانون انطلقت موجة واسعة من عمليات تقنين الوقف في عدد من الدول العربية والإسلامية.وبالرغم ما لتلك القوانين من مزايا وفوائد عديدة منها ضبط الممتلكات الوقفية ونظارها، غير انها كبّلت الأوقاف بأنظمة وإجراءات روتينية وحوّلت الأوقاف إلى ممتلكات عامة. ويمكننا أن نلخص أهم الإشكالات التي واجهها القطاع الوقفي تاريخيا في مختلف بلدان العالم الإسلامي في أربع مسائل رئيسية:- ( )
أ- لم تستطع الأوقاف الأهلية مجابهة جملة من الإشكاليات الشرعية والعملية وإيجاد حلول عملية لها. كما ولد تكاثر المستفيدين ،بتوالي الأجيال ، إلى تفتيت الحصص ، وكثرة الخلافات والنزاعات القضائية التي لم يستطع الجهاز القضائي مجابهتها وإيجاد الحلول لها.
ب- ضعف المؤسسات العلمية وما خلفه من انحسار للاجتهاد وتخلف العلماء عن أداء الدور الحضاري المنوط بهم مما أثر في طرح حلول واقعية وعملية والتعاطي الواقعي مع التطورات التي حصلت في المجتمعات الإسلامية،ودور علم الفقه والفقهاء في ذلك وفي ما يخص الأوقاف بالتحديد.
ت- بالتزامن مع التخلف الاقتصادي العام ، أدى ضعف القضاء وعدم تخصص العاملين فيه في مسائل الرقابة على النظار وتصرفاتهم الإدارية والمالية ومدى نجاحهم في توزيع العوائد، إلى انتشار الفساد في إدارة الأموال الوقفية والاستهانة بتنميتها.
ث- غياب التجديد الإداري للمؤسسات الوقفية، حيث استشرى أسلوب النظارة الفردية مما سهل عمليات اغتصاب الأوقاف وحيازتها بدون وجه حق والتلاعب بأعيانها أو تحويل وجهتها خارج المقاصد التي حددها الواقفون.
وعلى مستوى التطبيقات العملية فقد تم تهميش نظام الوقف الإسلامي،حيث يمكن رصد عدد من المظاهر الدالة على ذلك فيما يلى
)
أ- تضاؤل نسبة قيمة الأموال الموقوفة إلى إجمالي قيمة الثروة القومية، وتراجع معدل نموها سنويًا فضلا عن انخفاض معدلات العوائد والدخول التي تتحقق من توظيف أو استثمار أموال الوقف.
ب- انخفاض الموارد المالية اللازمة لتنفيذ شروط الواقفين، ومن ثم عدم الالتزام بشروطهم،وتغيير مصارف الأوقاف أو تقييدها، مما أدى إلى حرمان العديد من الجهات من حقوقها، وتعطلت رسالة الوقف لدرجة التهديد بالقضاء عليها.
ت- قيام بعض الدول الإسلامية بإدماج أموال الأوقاف ضمن أموال الدولة مع تأميم ممتلكات وثروات الوقف الأهلي بموجب قوانين وقرارات عليا واجبة النفاذ.
ث- تعرض بعض ممتلكات وثروات الوقف للتعدي والاغتصاب من جانب بعض الجناة بطرق غير مشروعة مثل وضع اليد على بعض أراضي الأوقاف التي يعلمون بفقد حجية ملكيتها أو سرقتها وصعوبة إثبات تبعيتها لمؤسسة الوقف. وقد ساعد على ذلك تغيير مسميات بعض الأماكن الموجودة في حجج بعض أراضي الوقف على اغتصابها وتعذر الاستدلال على أراضي الوقف وفقًا للمسميات الحديثة.
ج- إهمال ممتلكات الوقف وعدم الإنفاق على صيانتها أو حسن رعايتها، وتعرض بعضها إلى الانهيار والتدمير.. مثال ذلك تصدع بعض المباني السكنية والإدارية المملوكة للأوقاف وأيلولتها للسقوط في ظل رفض شاغليها تحمل نفقات الصيانة أو الإصلاح رغم ضآلة قيمة الإيجار الشهري وانخفاض قيمته الحقيقية بمرور السنوات نتيجة زيادة أو غلاء الأسعار وتآكل قيمة النقود.
ح- قيام بعض الدول العربية والإسلامية بإلغاء الوقف الأهلي (الذري)وهو ما يعتبر بمثابة إلغاء لمؤسسة إسلامية أصلية وتحريم لما أحل الله، ومنع الخير من الوصول إلى من يستحقونه الأمر الذي جعل مجمع الفقه الإسلامي- قرار مجمع رقم ١٤٠ (6/15)الصادر بتاريخ 11/3/2004 ميلادية- يوصي بإحياء الوقف الذري الذي قامت بإلغائه بعض التشريعات في بعض الدول العربية والإسلامية.
خ- تكبيل الوقف بعقود الحكر وهو عقد إجارة لمدة طويلة يعقد بإذن الحاكم ويدفع فيها المستحكر لجانب الوقف مبلغًا معجلا يقارب قيمة الأرض ويحدد مبلغًا آخر ضئيلا يستوفى سنويًا لجهة الوقف من المستحكر أو ممن ينتقل إليه هذا الحق . ولا يخفى أن هذه العقود تقضي على الجزء الأكبر من عوائد الوقف بمرور الزمن خاصة في ظل ارتفاع معدلات تضخم الأسعار وانخفاض القيمة الحقيقية للنقود.
د- تركيز بعض الجهات المشرفة على الوقف على التوثيق والسجلات فقط دون الاهتمام بالتنمية والاستثمار مما يؤدي إلى تردي ثروات الأوقاف وإهمالها مثلما كان حال الوقف في السودان في ظل رعاية المحاكم الشرعية لفترة طويلة من الزمن حتى صدور قانون الأوقاف السوداني عام ١٩٨٩ وما تلاه من قرارات خاصة بتنظيم الوقف داخل البلاد وخارجها مثل وقف آبار على بالسعودية وأوقاف القدس لصالح المسجد الأقصى، وأوقاف في تركيا، ووقف الغور بمدينة جدة.
ذ- إلزام إدارة الوقف في بعض الدول بالخضوع لتنظيمات الدولة في سائر الشئون الوقفية صاحب الالتزام بالقوانين الاستثنائية في الإيجار والتي ألغت ضمنيًا النظم المطبقة في الإيجارات الوقفية وهو ما حدث في لبنان على سبيل المثال الأمر الذي ترتب عليه عدم قدرة إدارة الأوقاف على الاستثمار الأمثل لأموال الوقف ومن ثم تراجع إيراداتها مع ضعف الإدارة المالية للوقف وعجزها عن المساهمة في إعادة إعمار لبنان بعد انتهاء الحرب الأهلية وإهمال صيانة المساجد والعجز عن دفع رواتب الموظفين في إدارة الوقف رغم ضآلتها بالمقارنة برواتب وأجور سوق العمل وذلك بالإضافة إلى عجز الإدارة عن دفع رواتب الدعاة والأئمة ومقيمي الشعائر.
ورغم هذه الملاحظات فإنه من المجحف أن لا نذكر بأن مؤسسة الوقف كانت من أكثر المؤسسات التي تواصلت خدماتها الاجتماعية وإلى وقت قريب رغم خفوت جذوتها.
ثانيا: الحاجة الى أدوات الحوكمة لتطوير مؤسسات الأوقاف
على الرغم من شيوع وانتشار الوسائل الالكترونية الحديثة في المعاملات المالية وكافة مجالات الاستثمار وأعمال الحفظ والتوثيق والمعلومات إلا أن مؤسسات الوقف في معظم الدول الإسلامية لا تزال متخلفة عن استخدام هذه التقنيات الحديثة في أعمال إدارة واستثمار الوقف وتوزيع عائداته إلى الفئات المستهدفة منه. إذ يمكن القول بأن نظام الوقف التقليدي لا يزال هو المعمول به في تلك الدول رغم ما طرأ على الاقتصاد العالمي من تغيرات وتطورات تمثلت فيما يلي( ):
أ- العولمة المالية والتجارية، وما يرتبط بها من تحويلات مالية ومصرفية وتدفقات رؤوس أموال واستثمارات في مواقع جغرافية متعددة أو بلدان إسلامية مختلفة وعبر بنوك وبورصات هذه الدول بأسرع وقت ممكن.
ب- ثورة المعلومات والاتصالات ومساهمتها في سرعة دوران الأموال، عبر الأسواق المالية والتجارية المختلفة وما ينتج عن ذلك من تعظيم لعوائد استثمار الأموال الموقوفة بما يحقق منافع اكبر للمستفيدين.
ت- ظهور وانتشار الشركات العملاقة متعددة الجنسيات وسيطرتها على الاقتصاد العالمي، والحاجة إلى ظهور شركات إسلامية متعددة الجنسيات مناظرة لها وقادرة على المنافسة وعلى وقف جانب من أموالها أو عائداتها لأعمال الخير والإحسان ورعاية الفقراء إذ لا يزال نظام الوقف الإسلامي يركز على الجهد المحلي دون التفاعل الدولي.
ث- التركيز علي مبادئ الحكم الصالح والإدارة الحصيفة (الحوكمة) في تطوير المؤسسات والهيئات سواء كانت حكومية أم خاصة. وفي العادة تركز الإدارة الحصيفة على عدة محاور منها الالتزام بالقوانين واللوائح وفعالية الهيكل التنظيمي وسيادة نظام القيم وحسن اختيار القيادة والإستراتيجية والتقييم المستمر لها ووجود السياسات، كما تركز أن يكون اهتمام القيادة بالتطوير في المؤسسـة وبنـاء الطـاقة الإداريـة اللازمـة. وتنامي الاهتمام بمبدأ الشفافية في التعاملات والوضوح في الإفصاح المالي عن كافة المعلومات ووجود المعايير المحاسبية المتعارف عليها وتوافر تصنيفات ائتمانية لكافة المنتجات المالية وغيرها من التطورات التي تؤكد وجود منهجية في العمل المالي وفي الأدوات الاستثمارية المتوفرة في السوق المالي وتعزز الثقة فيه. اضافة الى تنامي دور الإدارة المهنية ذات الكفاءة العالية في إدارة المؤسسات وحسن استخدام رؤوس الأموال التي وضعت تحت سلطتها من قبل المساهمين بحيث يتحقق الفصل الكامل ما بين الملكية والادارة. وأيضا توسع النظم الضريبية وتعقدها والإعفاءات التي تقدمها للأعمال الخيرية أو الوقفية.( )
أ-التعريف بالحوكمة من حيث المصطلح والمفهوم:
تعاظم الاهتمام بمفهوم و آليات الحوكمة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة،أصبحت الحوكمة من الموضوعات الهامة علي كافة المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في أعقاب الانهيارات المالية والأزمات الاقتصادية، والتي جاءت كنتيجة مباشرة للقصور في آليات الشفافية والحوكمة ببعض من المؤسسات المالية العالمية،وافتقار إدارتها إلي الممارسة السليمة في الرقابة والإشراف ونقص الخبرة والمهارة ،التي أثرت بالسلب في كل من ارتبط بالتعامل معها،سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. نتيجة لكل ذلك زاد الاهتمام بمفهوم الحوكمة وأصبحت من الركائز الأساسية التي يجب أن تقوم عليها الوحدات الاقتصادية ، ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل قامت الكثير من المنظمات والهيئات بتأكيد مزايا هذا المفهوم والحث علي تطبيقه في الوحدات الإقتصاديه المختلفة ، مثل : لجنة كادبوري Cadbury Committee والتي تم تشكيلها لوضع إطار لحوكمة المؤسسات باسم Cadbury Best Practice عام 1992 في المملكة المتحدة ، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والتي قامت بوضع مبادئ حوكمة الشركات Principles of Corporate Governance عام 1999،وصندوق المعاشات العامة(Calpers) في الولايات المتحدة الأمريكية ، كذلك لجنة Blue Ribbon Committee في الولايات المتحدة الأمريكية والتي أصدرت مقترحاتها عام 1999 م .( )
وعلى الرغم من الارتباط بين مصطلح الحوكمة والعولمة والأزمات ، زيادة الاهتمام به بين كل من المهتمين بالدراسات المحاسبية والاقتصادية والإدارية والقانونية،الإ أنه ما زال مجال اختلاف وعدم اتفاق الباحثين والأكاديميين والمهتمين بهذا الأمر مما أدي إلي ظهور العديد من المصطلحات المستخدمة بيد أن المصطلح الأكثر استخداما علي الأقل في المجال الأكاديمي والبحثي هو "الحوكمة " كمرادف قريب لمصطلح Governance .( )
وكلمة governance معناها حاكمة من الإحكام والحاكمية؛ وبالرجوع إلى معاجم اللغة العربية والبحث تحت لفظ «حكم» نجد أن العرب تقول: حكمت واحكمت وحكّمت؛ بمعنى: منعت ورددت؛ ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكم لأنه يمنع الظالم من الظلم؛ ومن المعانى لكلمة «حَكَم»: حَكَمَ الشىء وأحكمه كلاهما: منعه من الفساد .( )
ورغم أن لفظ حوكمة لم ترد فى القواميس العربية على هذا الوزن, إلا أن المعنى العام لها من مادة لفظ حكم الذى يعنى كما سبق القول المنع من الظلم والفساد وهو المتفق عليه اصطلاحا لكلمة الحوكمة التى تهدف الى منع الظلم والفساد.( )
أما بالنسبة لمفهوم حوكمة المؤسسات،توجد عدة صياغات وهى إن اختلفت من حيث الألفاظ إلا أن دلالاتها متقاربة, ( ) وتعنى بشكل عام, القوانين والقواعد والمعايير التى تحدد العلاقة بين إدارة الشركة من جهة, وحملة الأسهم وأصحاب المصالح والأطراف المرتبطة بالشركة من جهة أخرى, وبشكل أكثر تحديداً يقدم مصطلح حوكمة الشركات إجابات لعدة تساؤلات من أهمها: كيف يضمن المساهمون ألا تسىء الإدارة استغلال أموالهم؟ وكيف يتأكد هؤلاء المساهمون أن الإدارة تسعى إلى تعظيم ربحية وقيمة أسهم الشركة فى الأجل الطويل؟ ومامدى إهتمام الإدارة بالمصالح الأساسية للمجتمع؟ وأخيراً كيف يتمكن حملة الأسهم وأصحاب المصالح من رقابة الإدارة بشكل فعَال ؟.
وقد حددت الأدبيات عدة قنوات يمكن من خلالها أن تؤثر الحوكمة على النمو والتنمية ومن ذلك مايلى
)
1- زيادة فرص الحصول على التمويل الخارجي من قبل الشركات. ويمكن أن يؤدي الى زيادة معدلات الاستثمار، وتحقيق معدلات نمو أعلى، وزيادة توليد فرص العمل.
2- خفض تكلفة رأس المال وما يرتبط بها من ارتفاع مستوى تقييم الشركة ،مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين وبالتالى تحقيق المزيد من الاستثمارات ، مما أيضا يؤدى للمزيد من النمو والمزيد من توليد فرص العمل.
3- الأداء التشغيلي بشكل أفضل من خلال تخصيص الموارد وإدارة أفضل. وهذا يخلق ثروة أكثر عموما.
4- بناء علاقات أفضل مع جميع أصحاب المصلحة عموما،وتقليل مخاطر حدوث الأزمات عموما والمالية بشكل خاص، والتى يمكن أن يكون لها تأثير كبير على التكاليف الاقتصادية والاجتماعية.
ويثير مصطلح حوكمة الشركات بعض الغموض لثلاثة أسباب رئيسية مرتبطة بحداثة هذا الاصطلاح
) السبب الأول هو أنه على الرغم من أن مضمون حوكمة الشركات وكثير من الأمور المرتبطة به ترجع جذورها إلى أوائل القرن التاسع عشر، حيث تناولتها نظرية المشروع وبعض نظريات التنظيم والإدارة، إلا أن هذا الاصطلاح لم يعرف في اللغة الإنجليزية، كما أن مفهومه لم يبدأ في التبلور إلا منذ قرابة عقدين أو ثلاثة عقود.
بينما يتمثل السبب الثاني في عدم وجود تعريف قاطع وواحد لهذا المفهوم. فبينما ينظر إليه البعض من الناحية الاقتصادية على أنه الآلية التي تساعد الشركة في الحصول على التمويل، وتضمن تعظيم قيمة أسهم الشركة واستمرارها في الأجل الطويل، فإن هناك آخرون يعرفونه من الناحية القانونية على أنه يشير إلى طبيعة العلاقة التعاقدية من حيث كونها كاملة أم غير كاملة، والتي تحدد حقوق وواجبات حملة الأسهم وأصحاب المصالح من ناحية، والمديرين من ناحية أخرى، كما أن هناك فريق ثالث ينظر إليه من الناحية الاجتماعية والأخلاقية، مركزين بذلك على المسؤولية الاجتماعية للشركة في حماية حقوق الأقلية أو صغار المستثمرين، وتحقيق التنمية الاقتصادية العادلة، وحماية البيئة.
ويرجع السبب الثالث لغموض هذا المصطلح إلى أن هذا المفهوم مازال في طور التكوين، ومازالت كثير من قواعده ومعاييره في مرحلة المراجعة والتطوير. ومع ذلك هناك شبه اتفاق بين الباحثين والممارسين حول أهم محدداته وكذلك معايير تقييمه.
إن مصطلح الحوكمة بأوسع معنى له يكون معنياً بتحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والأهداف الاجتماعية من جهة وأهداف الفرد وأهداف الجماعة من جهة أخرى.أى أن الإطار العام للحوكمة موجود لكى يشجع على الاستخدام الأكفأ والعادل للموارد ، ويعمل علي تفادى سوء استخدام السلطة وكذلك تفادي التحايل على القواعد والنظم واللوائح .ولذلك يمكن تلخيص أهم مباديء وركائز الحوكمة والتي بموجبها يمكن القضاء أو علي الأقل تقليل الي الحد الأدني الفساد والانحراف في كافة مناحي الحياة العامة والخاصة وهى( ):
أ- وجود اطار عام للمناخ التشريعي والقوانين بالدولة تحمي حقوق جميع أفراد المجتمع مع تحديد المسئوليات والواجبات .
ب- العدالة والمعاملة المتكافئة والمتوازنة لجميع افراد المجتمع .
ت- الافصاح والشفافية في كل ما يصدر عن المسئولين من بيانات و معلومات.
ث- المساءلة والمحاسبة وهو ما يعني أن يعقب الافصاح دائما محاسبة المسئولين بشفافية كاملة.
ج- هذا بجانب أن يكون هناك سياسات واضحة وموثقة لكيفية تجنب تعارض المصالح وخطة لتتابع السلطة في الادارات العليا التنفيذية .
ونلاحظ من هذه المبادئ ان الحوكمة تعالج علاقات القوة والمسؤولية بين أربع مجموعات كبيرة تحيط بإدارة الشركة المساهمة. المجموعات التي نتحدث عنها هي: أصحاب العلاقة ( المستفيدون، الدائنون، الحكومة، المجتمع، الموظفون ..) ، الجمعية العمومية ( الملاك) ، مجلس الإدارة والإدارة العمومية أو التنفيذية. وتقدم الحوكمة الإدارية كما :كرنا اعلاه مجموعة من الإجراءات والترتيبات التي تحكم العلاقات بين هذه المجموعات لتكون علاقات إيجابية منتجة وليست مدعاة للتنافس السلبي وضياع مصلحة الشركة. على سبيل المثال لو أبدعت إحدى المجموعات ونجحت فى تحقيق غاياتها وسبقت المجموعات الاخرى لم تتحقق الحوكمة الإدارية لان شرطها المصلحة الجماعية.كذلك لو نجحت المجموعات كل على حدة فكل سيبدع لتحقيق مصالحه الضيقة ولن تتحقق المصلحة الكلية للشركة.
ومن الاستعراض العام لهذه النصوص يتضح أن مفهوم الحوكمة يدور حول وضع الضوابط التى تضمن حسن إدارة الشركات بما يحافظ على مصالح الأطراف ذات الصلة بالشركة ويحد من التصرفات غير السليمة للمديرين التنفيذيين فيها وتفعيل دور مجالس الإدارة بها بعدما أظهرت الوقائع والأحداث حالات عديدة من التلاعب فى اموال العديد من الشركات بواسطة الإدارة أدت إلى إفلاسها.
وهذا المعنى للحوكمة يتفق مع ماجاءت به الشريعة الإسلامية من الأصل وليس كحالة طارئة كما فى الحوكمة, فالمال وملكيته يعتبر أحد المقومات الخمس التى يعتبر حفظها وحمايتها بتحقيق النفع منها ومنع الفساد عنها, أحد المقاصد الأساسية للشريعة الإسلامية, ومن هنا وفى مجال الشركات ومايتعلق بها جاءت الأحكام الشرعية للشركات بجميع أنواعها وكذا عقد الوكالة لتنظيم علاقة الإدارة بالشركة والمساهمين.
ويظهر الواقع المعاصر أهمية تطبيق مبادىء الحوكمة على مؤسسة الوقف لضمان النزاهة والشفافية وخاصة بعد ما تعرض له الوقف من فساد وتهميش خلال سنوات عديدة من جهة،وبعد ظهور اتجاهات حديثة في تأسيس الأوقاف من جهة أخرى.
فالوقف يشبه منشآت الأعمال من حيث إنه شكل تنظيمي لمجموعة من الأموال في الإنتاج تنفصل فيه الإدارة عن الملكية، كما أن إدارة أموال الأوقاف لا يمكنها أن تتبع بمبادئ اقتصاديات السوق، وذلك لانعدام الحافز الذاتي الذي نجده في سلوك المنشأة الإنتاجية في السوق وهو حافز الربح أو المنفعة، إذ إنه يقدم خدماته للمجتمع دون النظر إلى الربح، أما على المستوى الجزئي أي وحدة الوقف الواحدة، فلابد من استثمارها وتعظيم الإيرادات المتأتية منها ليتم توزيع المنافع على أكبر عدد من المستفيدين، وبالتالي فإن التحدي الذي نواجهه في اختيار شكل إدارة الأوقاف هو أن نوجد توازنًا مؤسسيًا يؤدي إلى ربط هدف الإدارة بأهداف الوقف دون الإخلال بمبدأ الرقابة, أي أن إدارة الوقف أقرب ما تكون كإدارة المنشآت الاقتصادية في القطاع الخاص واستبدال رقابة الجمعية العمومية والمالكين بجهات رقابية تضم جهات حكومية أو شعبية. والقطاع الوقفي يتكون من جزأين هامين متكاملين ومترابطين، الأول كلي وهو الإدارة أو الهيئة أو المؤسسة التي تشرف وتدير وتستثمر أموال الوقف على المستوى الوطني، وعادة ما تنشأ هذه المؤسسات بموجب قوانين وأنظمة تحدد سياساتها العامة والمبادئ والأسس التي تسير عليها بما في ذلك الأسس المحاسبية والرقابية، والتي تكون في الأغلب تلك التي تطبق على المؤسسات العامة. أما الجزء الثاني وهو الوحدة الوقفية (الوقف) وعادة ما تحدد شروط الواقف أوجه استثمارها وطريقة إدارتها والرقابة عليها وأوجه إنفاق إيراداتها. وعندما نتحدث عن النظم المحاسبية والرقابية للوقف فلا بد أن نأخذ بعين الاعتبار هذين المستويين من القطاع الوقفي، وعدم الخلط بينهما لأن مثل هذا الخلط قد يؤدي إلى خطأ في تصميم النظم المحاسبية ومعالجة العمليات الاقتصادية وأساليب الرقابة عليها.
ومع ملاحظة أن هناك اتجاهان في تأسيس الأوقاف في الوقت الحاضر، وذلك بالنظر إلى الهيكل التنظيمي للوقف، هما
)
1. تأسيس أوقاف جماعية كبيرة بالنظر إلى القيمة السوقية لأصولها، وفق نموذج الشركات المساهمة تدار على أسس تجارية. ويتكون رأس المال من قسمين: أحدهما وقفي، والآخر استثماري، وذلك مثل بعض المشروعات الوقفية للهيئة العالمية للوقف المتفرعة عن البنك الإسلامي للتنمية.
2. تأسيس صناديق وقفية كبير بالنظر إلى القيمة السوقية لأصولها، تعتمد في رأسمالها على التبرعات، وعوائد استثمارها فقط، وتدار على أسس اقتصادية. ومن أهم الأمثلة في هذا الاتجاه في الوقت الحاضر،الصناديق الوقفية التي يتم إنشاؤها في عدد من دول الخليج العربي وفق أسلوب الشركات المساهمة، عن طريق طرح ما يسمى الأسهم الوقفية.
فانه لابد من توظيف مبادئ وأسس الحوكمة هذه في سبيل تحسين أداء المشاريع الوقفية لتحقق الاهداف المناطة بها حيث يتم التحكم في مشروع الوقف (الموقوف) من خلال ثلاث جهات مهمة: الواقف (المتبرع أو المتبرعون) والناظر أو مجلس النظار وهو بمثابة مجلس الإدارة في الشركات الحديثة والموقوف عليهم أو المستفيدون. كذلك يوجد مدير او مسؤول عن المشروع محل الوقف يعينها ويشرف عليها الناظر وذلك بمثابة الإدارة التنفيذية فى الشركات الحديثة كما لن نتجاوز وجود العديد من الهيئات والجهات الحكومية والنظامية التي يفترض أن تشرف على مشاريع الأوقاف على وجه العموم وهذه يتشابه دورها مع دور الهيئات والجهات المنظمة لأعمال الشركات المساهمة. وبطبيعة الحال انفرد الفكر الوقفي فى الإسلام بوضع الكثير من التنظيمات والتشريعات والشروط (شروط الوقف) كل ذلك فى سبيل تعزيز قيام مشروع الوقف واستمراريته وإدارته وتحقيق مبادئ العدالة والشفافية والإفصاح. وبالنظر الى وجود عدد من المجموعات المحددة والمؤثرة فعلا فى المشاريع الوقفية حيث نجد مجموعات مثل المشروع الوقفي (الموقوف) والشخص المتبرع (الواقف) والمستفيدين (الموقوف عليهم) والجهة المنظمة للوقف والإدارة التنفيذية للمشروع الوقفي إلى آخره. كل هذه المجموعات تحتاج ترتيب العلاقات فيما بينها وتفعيل المسائل المتعلقة بالرقابة والتحكم في المشروع الوقفي ( الحوكمة الإدارية) وفق مبادئ وأسس واضحة للارتقاء بالأداء فى جو عام من الإفصاح والشفافية والمسؤولية تجاه جميع أصحاب العلاقة بالمشروع.( )
ولقد أثبتت مؤشرات تصنيف حوكمة الشركات أنها وسيلة فعالة في الحث على إدخال تغييرات إيجابية داخل الشركات في الأسواق الناشئة،فتلك المؤشرات تقوم بمهمتين هامتين: الأولى، أنها توفر للشركات معلومات تفصيلية حول آليات حوكمتها، وذلك بما تقدمه من تقييم وإشارة إلى المَواطن التي تستحق الاهتمام وتحتاج إلى تحسين. والثانية، أنها تقدم معيارًا دقيقًا لأداء الشركة مقارنةً بأقرانها. ومن شأن ذلك تعزيز روح التنافسية بين الشركات، والتي تشجع بدورها على إدخال الإصلاحات،سعيًا من الشركة للوصول إلى ترتيب أعلى، واعتراف أوسع من منافسيها.كذلك توفر مؤشرات تصنيف الحوكمة معلومات أساسية للمستثمرين،يُمكن أن تُترجم إلى تكلفة أقل لرأس المال بالنسبة للشركات. إن مؤشرات تصنيف حوكمة الشركات تعتبر -من أوجه عديدة- محركًا إيجابيًا يدفع للإصلاح لأنها تركز على مكافأة الممارسات الرشيدة بأكثر مما تركز على معاقبة الممارسات السيئة.
ب-اهمية ومبررات تطبيق مبادىء الحوكمة على مؤسسات الأوقاف :
إن مؤسسات الأوقاف ترسي القيم الديمقراطية والعدل والمساءلة والمسئولية والشفافية فى المشاريع الوقفية، وتضمن نزاهة المعاملات. وتعزز سيادة القانون ضدالفساد؛ إذ تضع الحدود بين الحقوق الخاصة والمصالح العامة وتمنع إساءة استخدام السلطة.وتقوم حوكمة الوقف على تحديد العلاقة بين الواقفين والموقوف عليهم، ومجالس الإدارة،والمديرين وحملة الأسهم وغيرهم،بما يؤدى إلى زيادة قيمة الوقف إلى أقصى درجة ممكنة على المدى الطويل. وذلك عن طريق تحسين أداء المشاريع الوقفية، وترشيد اتخاذ القرارات فيها. ويتضمن ذلك إعداد حوافز وإجراءات تخدم مصالح الموقوف عليهم، وتحترم فى نفس الوقت رغبات الواقفين ومصالح جميع المتعاملين في ومع المشروع الوقفى.
وتتجسد أهمية حوكمة الوقف بما يأتي :
1 . محاربة الفساد المالي والإداري وعدم السماح بوجوده اوعودته مره أخرى .
2 . تحقق ضمان النزاهة والحيادية والاستقامة لكافة المشاريع الوقفية.
3 . تفادي وجود أخطاء عمديه أو انحراف متعمد كان أو غير متعمد ومنع استمراره أو العمل على تقليله إلى أدنى قدر ممكن ، وذلك باستخدام النظم الرقابية المتطورة .
4 . تحقيق الاستفادة القصوى من نظم المحاسبة والمراقبة الداخلية ، وتحقيق فاعلية الإنفاق وربط الإنفاق بالإنتاج .
5 . تحقيق قدر كاف من الإفصاح والشفافية في الكشوفات المالية .
6 . ضمان أعلى قدر من الفاعلية لمراقبي الحسابات الخارجيين ، والتأكد من كونهم على درجة عالية من الاستقلالية وعدم خضوعهم لأية ضغوط من مجلس الإدارة أو من المديرين التنفيذيين .
أما على الصعيد الاجتماعي فالحوكمة تهتم بتحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية . ويشجع إطار حوكمة الوقف على الاستخدام الكفء للموارد وضمان حق المساءلة عن السيطرة عليها ، ويهدف إلى ربط مصالح الأفراد والمشاريع الوقفية والمجتمع بشكل عام، إذ يرغب كل بلد أن تزدهر وتنمو مؤسسة الوقف ضمن حدوده لتوفير فرص العمل و الخدمات الصحية ، والإشباع للحاجات الأخرى ، ليس لتحسين مستوى المعيشة فحسب بل لتعزيز التماسك الاجتماعي.
ويمكن أن يعتمد نظام حوكمة الوقف على مبادئ الحوكمة كما وضعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OECD) السابق الاشارة اليها ،والتى لا تتنافى في مجملها مع المبادئ التي تدعمها الشريعة الإسلامية والتي تشكل الإطار التنظيمي لعمل البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية،حيث تحقق هذه المبادئ الآتي
)
1- تعزيز مسؤولية إدارة المشاريع الوقفية عن تنفيذ المعاملات بكفاءة تحقق المتطلبات النظامية والشرعية.
2- تعزيز ا لاستقلالية و الموضوعية في إبداء الرأي الشرعي من جهات التدقيق الشرعي.
3- تحقيق العدالة بين جميع الأطراف: الإدارة،الواقفون ، الموقوف عليهم ،ذوو العلاقة (العملاء الموظفون ،جهات التدقيق الخارجي).
4- تعزيز الفصل بين السلطات والوظائف المتعارضة لضمان آليات واضحة لتحمل المسؤولية والمساءلة.
5- استكمال الإطار المؤسسي الداعم لتطبيق الأهداف الأخرى، و يضم إنشاء المؤسسات و إصدار التشريعات.
6- سيادة القانون، وهذا لا يتحقق إلا من خلال وجود تشريع حكومي يلزم باستكمال المؤسسات والتشريعات وتطبيقها في واقع الأعمال الوقفية.
إن من أهمية حوكمة الوقف هو دورها في زيادة كفاءة استخدام الموارد وتعظيم قيمة مؤسسة الوقف وتدعيم قدرتها التنافسية بالأسواق ، مما يساعدها علي التوسع والنمو ويجعلها قادرة على تحقيق أهداف الواقفين وتعظيم منفعة الموقوف عليهم. كما أن من المعايير الرئيسية لحوكمة مؤسسة الوقف هو تحقيق فاعلية وكفاءة الأداء بها وحماية أصولها.
وبذلك يرى الباحث أن الالتزام بتطبيق الجوانب الفكرية للحوكمة على مؤسسة الوقف سينعكس بشكل جيد على أدائها بأبعاده التشغيلية والمالية والنقدية ، وكذلك على المقاييس المختلفة المستخدمة ، أي أن تطبيق الحوكمة يساعد على إيجاد مفهوم ومقاييس شاملة لأداء مؤسسة الوقف مما يدعم من قدراتها على الاستمرار والنمو ويحقق مصالح الفئات المختلفة المتعاملة معها ، خاصة وأن مفهوم حوكمة مؤسسة الوقف يحمل في مضمونه بعدين أساسيين هما :-
الأول:- الالتزام بالمتطلبات القانونية والإدارية وغيرها.
الثاني:- الأداء بما يحمله من استغلال للفرص المتاحة للارتقاء بمؤسسة الوقف ككل .
لو لم يكن للحوكمة من الأهداف والمزايا التي تدعمها ، لما سعت معظم الوحدات الاقتصادية بل والدول إلي تطبيقها ووضعت التشريعات المختلفة اللازمة لها. ولقد اختلفت المفاهيم المستخدمة للتعبير عن هذه الأهداف والمزايا منها المنافع أو الدوافع أو البواعث ولكنها جميعاً تدخل ضمن الأهداف والمزايا والتي يمكن التعبير عنها في النقاط التالية :-
1- تحسين قدرة مؤسسة الوقف وزيادة قيمتها.
2- فرض الرقابة الفعالة على أداء مؤسسة الوقف وتدعيم المساءلة المحاسبية بها.
3- ضمان مراجعة الأداء التشغيلي والمالي والنقدي لمؤسسة الوقف.
4- تقويم أداء الإدارة العليا وتعزيز المساءلة ورفع درجة الثقة فيها .
5- تعميق ثقافة الالتزام بالقوانين والمبادئ والمعايير المتفق عليها .
6- تعظيم أرباح مؤسسة الوقف.
7- زيادة ثقة الواقفين الحاليين والمرتقبين في مؤسسة الوقف.
8- الحصول علي التمويل المناسب والتنبؤ بالمخاطر المتوقعة.
9 – تحقيق العدالة والشفافية ومحاربة الفساد.
10- مراعاة مصالح الأطراف المختلفة وتفعيل التواصل معهم .
وتمثل المقومات التالية الدعائم الأساسية التي يجب توافرها حتى يمكن الحكم بتطبيق حوكمة الوقف ،وهي :-
1- توفر القوانين واللوائح الخاصة بضبط الأداء الإداري لمؤسسة الوقف.
2- وجود لجان أساسية تابعة لمجلس الإدارة لمتابعة أداء المشاريع الوقفية.
3- وضوح السلطات والمسئوليات بالهيكل التنظيمي للمشاريع الوقفية.
4- فعالية نظام التقارير وقدرته على تحقيق الشفافية وتوفير المعلومات .
5- تعدد الجهات الرقابية على أداء المشاريع الوقفية.
في ضوء ما سبق يري الباحث ضرورة الإشارة إلي النقاط التالية حول تطبيق الجوانب الفكرية للحوكمة على مؤسسة الوقف:-
1. إن الالتزام بتطبيق هذه الجوانب في مؤسسة الوقف سيؤدي إلى تطوير أدائها والتغلب على مشاكلها المختلفة وزيادة قدرتها التنافسية والتشغيلية والمالية والإدارية وبالتالي الانعكاس الإيجابي على تحقيق أهدافها الدينية والدنيوية.
2. يؤدى تطبيق مبادىء الحوكمة على مؤسسة الوقف الى سهولة الحصول على المعلومات وممارسة الرقابة على مختلف جوانب أداء مؤسسة الوقف وزيادة الثقة فيها وتحقيق العدالة والشفافية ومحاربة الفساد وتحقيق التواصل مع الأطراف المختلفة ذات العلاقة بمؤسسة الوقف.
3. بالنظر إلى مفاهيم ومبادئ الحوكمة نجد انها تهدف الى تحقيق مصالح الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، وهذا من الأهداف التي وضعت من أجلها الشريعة الإسلامية.
4. إن تطبيق مبادىء الحوكمة على المشاريع الوقفية سوف يؤدي الى زيادة ثقة الواقفين الحاليين والمرتقبين ومختلف المستخدمين لها.
ثالثا:النتائج والتوصيات:
تؤدى حوكمة الوقف في النهاية تحقيق الأهداف المرجوة منها من خلال زيادة الثقة في مؤسسة الوقف وتعميق دور العمل الوقفى، وزيادة قدرته ورفع معدلات الاستثمار فيه، تشجع الواقفون المرتقبون على الثقة في هذا القطاع اوبالتالى ف الحصول على التمويل وتوليد الأرباح، وأخيرا خلق فرص عمل.
النتائـج:
1- إن تاريخ الوقف يرجع إلى فجر الإسلام وقد دلّ على مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع وأن الوقف من أفضل وجوه الإنفاق، وأعمها فائدة وأدومها نفعاً وأبقاها أثراً.
2- تعاظم الاهتمام بمفهوم وآليات الحوكمة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، خاصة في أعقاب الانهيارات المالية والأزمات الاقتصادية، والتي جاءت كنتيجة مباشرة للقصور في آليات الشفافية والحوكمة ببعض من المؤسسات المالية العالمية.
3- رغم تراجع دور الوقف إبان حقبة الاستعمار إلا أن الآونة الأخيرة شهدت توجها جادا لتفعيل دور الوقف في المجتمعات الإسلامية.
4- أن نظام الوقف التقليدي لا يزال هو المعمول به في معظم الدول رغم ما طرأ على الاقتصاد العالمي من تغيرات وتطورات.
5- تحتاج مؤسسة الوقف الى تطبيق مبادىء الحوكمة باعتبارها الإطار الصحيح لتطوير أداء مؤسسة الوقف في ربوع وطننا العربي وعالمنا الإسلامي،خاصة مع ما تشهده الأعمال الوقفية من تطور واكتسابها طابعًا مؤسساتيًا، بعيدًا كل البعد عن العفوية والارتجالية.
6- - إن الالتزام بتطبيق الجوانب الفكرية للحوكمة على مؤسسة الوقف سينعكس بشكل جيد على أدائها بأبعاده التشغيلية والمالية والنقدية ، وكذلك على المقاييس المختلفة المستخدمة .
7- - أن تطبيق الحوكمة يساعد على إيجاد مفهوم ومقاييس شاملة لأداء مؤسسة الوقف مما يدعم من قدراتها على الاستمرار والنمو ويحقق مصالح الفئات المختلفة المتعاملة معها.
التوصيات:
1- ضرورة التزام نظار الأوقاف بأعلى درجات الإفصاح وأن يتم الإبلاغ عن الأنشطة والبرامج والعمليات والأداء الاجتماعي والمالي بإصدار تقارير سنوية تشتمل على الحسابات الختامية المدققة للسنة المالية،حيث تكتسب الشفافية والمكاشفة أهميتها في تحقيق الحوكمة الفعّالة في مؤسسة الوقف في كونها أداة لتقييم أداء المؤسسة ومتولي شؤون الوقف.
2- العمل على استمرار وتنمية التأصيل للجوانب الفكرية لحوكمة مؤسسة الوقف وخاصة الأهداف والخصائص والمقومات والمحددات والمبادئ ، علاوة على شموليتها واحتوائها على جميع المفردات النظرية والتطبيقية للحوكمة بصورة يمكن أن يطلق عليها "الإطار المتكامل لحوكمة مؤسسة الوقف" .
3- ضرورة مراجعة النظار والعاملين في كل عام واخضاع هذه المراجعة لاعتبارات مختلفة منها: مدى الالتزام بشروط الواقف وتطوير الخطط الاجتماعية وخدمة المؤسسة والانتماء إليها، إضافة إلى تطوير أساليب إدارة الأصول وتطوير أساليب تعبئة الموارد المالية، والمشاركة في الندوات ومواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية والفتاوى الشرعية، والالتزام بأخلاقيات المهنة. وعملية تقييم الأداء تمكّن من ضمان الجودة وتصحيح المسار لتحقيق الرسالة وأهدافها.
4- يتطلب تطبيق آليات الحوكمة نشر ثقافة الحوكمة في المجتمع ، وذلك من خلال وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني . فإذا ما أدرك المجتمع إن الحوكمة تمثل له خط الدفاع الأول والحصن المنيع ضد أي فساد أو إفساد يحاول أن يسلب المجتمع ثرواته وأمواله ومكاسبه ، فانه سوف يدعم تطبيقها وإرساء قواعدها والدفاع عنها . وعليه يوصي الباحث باستحداث مركز يعنى بقضايا حوكمة مؤسسة الوقف ، ويتولى مهمة إعداد برامج إعلامية وتدريبية لترسيخ ثقافة الحوكمة في العمل الوقفى.
5- التزام المشاريع الوقفية بمبادئ الشفافية والإفصاح ، وذلك من خلال قيامها بما يأتي :
أ – يحدد كل مشروع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها - الاستراتيجية وقصيرة الأجل - والإفصاح عنها عبر الوسائل التي تمكن الجمهور من الاطلاع عليها ، وان تقوم بنشر تقرير يتضمن مستوى تحقيق الأهداف الموضوعة لها .
ب – نشر البيانات المالية بتقارير دورية، مطبوعة أو عن طريق النشر في مواقع الشبكة الإلكترونية، من الشفافية المطلوبة لتحقيق الحوكمة الرشيدة. وضرورة احتواء القوائم المالية وبيان المعاملات على معلومات موثوقة ومفيدة عن المؤسسة الوقفية وأدائها المالي والإداري.
المراجع
1- ابراهيم محمود عبد الباقى،دور الوقف فى تنمية المجتمع المدنى،رسالة دكتوراه،سلسلة الرسائل الجامعية(3)،الأمانه العامة للأوقاف،الكويت،1427هـ،2006م.
2- ابن منظور ،لسان العرب ،طبعة دار المعارف .
3- أحمد أبوزيد، نظام الوقف الإسلامي تطوير أساليب العمل و تحليل نتائج بعض الدراسات الحديثة ،متاح فى:http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/Wakf/wakf.htm
4- المرسي السيد حجازي ،دور الوقف في تحقيق التكافل الاجتماعي في البيئة الإسلامية،مجلة جامعة الملك عبدالعزيز للاقتصاد الإسلامي، مجلد(19) ،العدد(2) ،2006.
5- حمدي عبد العظيم ،النتائج المترتبة على تهميش الوقف الإسلامي،بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث للأوقاف بالمملكة العربية السعودية:الوقف الإسلامي "اقتصاد، وإدارة، وبناء حضارة"، الجامعة الإسلامية ١٤٣٠ ه - ٢٠٠٩ م.
6- زيدان محمد، دور الوقف في تحقيق التكافل الاجتماعي بالإشارة إلى حالة الجزائر، بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث للأوقاف بعنوان: الوقف الإسلامي "اقتصاد، وإدارة، وبناء حضارة" ،الجامعة الاسلامية،المملكة العربية السعودية، 1430 هـ،2009 م.
7- سلوى بنت محمد المحمادي، دور الوقف في تحقيق التكافل الاجتماعي ، بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث للأوقاف بعنوان: الوقف الإسلامي "اقتصاد، وإدارة، وبناء حضارة" ،الجامعة الاسلامية،المملكة العربية السعودية، 1430 هـ،2009 م
8- طارق عبد الله ،آفاق مستقبل الوقف في تونس ، مقدم إلى ندوة الوقف في تونس:الواقع وبناء المستقبل،28-29 فبراير 2012 الجمهورية التونسية.
9- عبدالباري مشعل،تحديات ومعوقات حوكمة المؤسسات المالية الإسلامية ،هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية،المؤتمر التاسع للهيئات الشرعية،26-27 مايو 2010 م .
10- عدنان بن حيدر بن درويش،حوكمة الشركات ودور مجلس الإدارة،إتحاد الم