المبحث الثالث: المخاطرة والعائد وطرق قياس المخاطرة
يتعرض المستثمر في الأوراق المالية عموما إلى نوع من المخاطر تتباين درجتها وقوتها وفقا لنوع الاستثمار وزمنه، وشكل الأداة الاستثمارية وقناعة المستثمر في تحمل هذه المخاطر ناتجة عن رغبته في تحقيق عائد متوقع نتيجة عملية الاستثمار في الأوراق المالية.
وسيتم تناول هذا المبحث من خلال النقاط الموالية:
- مفهوم المخاطرة وتصنيفها؛ -العائد وطرق قياس المخاطرة. –قياس مخاطرة أصل مالي. –قياس مخاطرة محفظة مالية.
المطلب الأول: مفهوم المخاطرة وأصنافها
ترتبط المخاطرة بعدم التأكد من تحقيق العوائد النقدية المتوقعة، كما يمكن تصنيفها حسب مصادرها إلى مخاطر منتظمة ومخاطر غير منتظمة، وسيتم تناول هذا المطلب من خلال ما يلي:
- مفهوم المخاطرة؛
- تصنيف المخاطرة.
1- تعريف المخاطرة:
للمخاطرة تعريفات متعددة تعكس وجهات نظر الباحثين المختلفة حول هذا المفهوم، ومن بين هذه التعريفات ما يلي:
عرفت على أنها «درجة التقلب في العائد المتوقع، وبتحديد أخر هو أن المخاطرة هي احتمال اختلاف العائد الفعلي للاستثمار قياسا بالعائد المتوقع من ذلك الاستثمار، فالأول هو العائد الحقيقي من الاستثمار المتاح، في حين يكون الثاني متوقعا، إذ قد يتحقق أو لا، وعلى وفق درجة المخاطرة، لذلك ففي الحالات التي تنعدم فيها المخاطرة تتساوي فيها العوائد المتوقعة مع العوائد الفعلية، وهي حالات نادرة جدا في الحالات الاقتصادية».
كما عرفت على أنها« احتمالية أن تكون نتائج التنبؤات خاطئة، فإذا كانت هناك احتمالية عالية في أن تكون التنبؤات خاطئة فعند ذلك ستكون درجة المخاطرة عالية أيضا أما إذا كانت الاحتمالية منخفضة فان درجة المخاطرة ستكون منخفضة أيضا».
كما عرفت على أنها «إمكانية الحصول على عائد فعلي مختلف عن العائد المتوقع والتي تعني ببساطة بأن هناك تقلبا في عوائد الاستثمار، وهي كذلك درجة تقلب العوائد في المستقبل، فالأسهم الأشد خطورة يجب أن تكون عوائدها مرتفعة لتعويض المستثمر في حالة عدم التأكد من إيراداته المستقبلية».
2-أصناف المخاطرة: تصنف المخاطرة إلى عدة أنواع أهمها:
2-1- المخاطرة المنتظمة:
تعرف بأنها المخاطر المتعلقة بالنظام ذاته، ومن ثمة فإن تأثيرها يشمل عوائد وأرباح جميع الأوراق المالية التي تتداول في البورصة، وتحدث تلك المخاطر عادة عند وقوع حدث كبير تتأثر معه السوق بأكملها كحدوث حرب أو بعض الأحداث الداخلية المفاجئة، أو تغيير في النظام السياسي ولا توجد سياسة لحماية المخاطر الناجمة عن تلك الأحداث، إلا أنه على المستثمر أن يعرف مقدما احتمال تأثر الأسهم بتلك المخاطر.
2-2- المخاطرة غير المنتظمة:
هي المخاطرة المتبقية من طرح المخاطر المنظمة من إجمالي المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الورقة المالية في السوق ويستطيع المستثمر حماية نفسه من هذه المخاطر عن طريق تنويع استثماراته.
ومن هذه المخاطر التي قد تحدث في شركة ما:
- حدوث إضراب عمال في تلك الشركة أو في القطاع الذي تنتمي إليه.
- الأخطاء الإدارية في تلك الشركة.
- ظهور اختراعات جديدة منافسة لما تنتجه الشركة.
- الحملات الإعلانية من المنافسين.
- تغير أذواق المستهلكين بالنسبة لسلع هذه الشركة.
- ظهور قوانين جديدة تؤثر على تلك الشركة.
تجدر الإشارة إلى أن مجموع المخاطر المنتظمة وغير المنتظمة والكلية التي تعبر عن التباين الكلي في معدل العائد على الاستثمار في الأوراق المالية.
2-3- مخاطر السوق:
تتأثر أسعار الأسهم بالأحداث الجارية مثل المخاطر النظامية، أي أن أسعار الأسهم في السوق تتأثر بتوقعات المستثمرين المستقبلية لذا على المستثمر أن يدرس بعمق أسعار الأسهم في الماضي ليحتمل مقدار الخطر الذي يتعرض له ويمكن حماية استثماراته من مخاطر السوق.
2-4- مخاطر العمل:
هو عدم قدرة الشركة على المنافسة في السوق والنمو واستقرار أرباحها في المستقبل وعلى هذا يجب على المستثمر أن يكون دقيقا في اختيار نوعية الورقة المشتراة والتأكد من اتساع سوق منتجات هذه الشركة.
2-5- مخاطر أسعار الفائدة:
تتغير أسعار الفائدة في السوق وفقا لتأثير قوى العرض والطلب على الأصول المالية المختلفة، وأيضا وفقا لمعدلات التضخم السائدة، وفي ما إذا كان الاقتصاد يتسم بالانتعاش أو الانكماش، تبرز المخاطر التي يتعرض لها المستثمر في السندات بسبب العلاقة المتعاكسة بين أسعار السندات في السوق وأسعار الفائدة السوقية، فارتفاع أسعار الفائدة السوقية على الأسعار الأخرى يشجع المستثمرين في السندات على بيع ما لديهم من سندات في السوق، مما يؤدي إلى زيادة العرض لهذه الأصول، ومع محدودية الطلب عليها في السوق فإن أسعارها تهبط وبشكل حاد وفقا للعلاقة بين العرض و الطلب، فأي تغير في أسعار الفائدة سوف يكون له تأثير على أسعار السندات طويلة الأجل حيث قد يتعرض المستثمر لخسارة كبيرة إذا ما صادف ارتفاع أسعار الفائدة وقت الحاجة إلى بيعها، وتقاس مخاطر سعر الفائدة باستخدام النسبة بين الأصول والخصوم التي تتأثر بتذبذب أسعار الفائدة.
2-5- مخاطر التضخم:
يؤدي التضخم إلى تدهور القوة الشرائية؛ أي إمكانية عدم كفاية العوائد المستقبلية الناتجة عن استثمار في الحصول على السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها بالأسعار الحالية، أي تعرض الأموال لانخفاض في قيمتها الحقيقية، فحتى لو ارتفعت القيمة النقدية للاستثمار قد يكون ذلك نوع من الوهم إذا كانت مستويات الأسعار قد ارتفعت بمعدلات أكبر.
يكون هذا النوع من المخاطر كبيرا في حالة الاستثمار في حسابات التوفير أو التأمين على الحياة أو السندات أو أي استثمار يحمل معدل فائدة ثابت، فإذا ارتفع معدل التضخم يرتفع معه الخصم فتنخفض القيمة الحقيقية للاستثمار، وذلك لانخفاض قيمته الحالية، بينما يؤثر هذا على الأسهم بشكل أقل حيث تقابل مخاطر القوة الشرائية أو التضخم بارتفاع مماثل في أصول المنشأة المصدرة للأسهم
المطلب الثاني: العائد وعلاقته بالمخاطرةيسعى المستثمر من وراء استثماره في الأوراق المالية لتحقيق أكبر عائد، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان معدل العائد معتدلا من وجهة نظر المستثمر ويخلق لديه الرضا وفقا لدرجة تضحيته.
ويتناول هذا المطلب النقاط التالية:
- مفهوم العائد وعلاقته بالمخاطرة؛
- قياس العائد.
1- مفهوم العائد وعلاقته بالمخاطرة:
1-1- مفهوم العائد:
يعرف العائد بأنه صافي التدفق النقدي، الناتج عن استثمار مبلغ معين، وقد يتم قياسه بالأرقام المطلقة أو تتم نسبته إلى الأموال التي ولدته، كما أن زمن حدوث التدفقات النقدية الصافية أمر مهم بسبب القيمة الزمنية للنقود فكلما كان زمن التدفق النقدي الداخل اقرب كان الوضع أفضل.
ويعرف كذلك بأنه المقابل الذي يتوقع المستثمر الحصول عليه في المستقبل، مقابل الأموال التي يدفعها من أجل أداة الاستثمار، أو أنه المكافأة التي يتوقع المستثمر الحصول عليها مقابل تخليه عن منفعته أو إشباع حاضر على أمل الحصول على منفعة أو إشباع أكبر في المستقبل.
وعليه فإن العائد هو المكافأة الإضافية التي يتوقع المستثمر الحصول عليها في المستقبل مقابل تخليه عن إشباع حاجة محددة في الوقت الحاضر.
لهذا فإن معدل العائد يعد أحد أهم متغيرات العملية الاستثمارية لأنه يقيس السرعة التي من خلالها تزداد ثروة المستثمرين أو نقصانها، وعليه فإن أكثر ما يهتم به المستثمر هو القيمة المضافة التي يحصل عليها من قيامه باستثماراته، أي من خلال تضحيته المؤقتة بأمواله، والتي يجسدها معدل العائد الذي يمكن حسابه وتقديره وفقا للتغيير الذي يحصل في ثروة المستثمر خلال الزمن.
1-2- العلاقة بين العائد والمخاطرة:
يرتبط عنصرا العائد والمخاطرة معا في علاقة طردية، بمعنى أنه كلما ارتفع طموح المستثمر لتحقيق عائد على استثماراته يجب عليه أن يعد نفسه لتحمل درجة أعلى من المخاطرة والعكس صحيح، وبغض النظر عن اتجاهات المستثمرين تجاه المخاطرة، فإن أي مستثمر عندما يتخذ قرار الاستثمار في الأصول المالية إنما يسعى إلى المقارنة بين العائد والمخاطرة، ويتخذ القرار الاستثماري الذي يضمن له
- تحقيق أعلى عائد عند مستوى ثابت من المخاطرة.
- أو تحقيق أقل مخاطرة عند مستوى ثابت من العائد.