الفكر التمويلي الإسلامي يظهر للعلن
الاثنين, 09/24/2007 - 15:04
الكاتب: يوسف الزامل
ظل الفكر التمويلي الإسلامي عبارة عن منشورات أكاديمية محصورة في ركن بعيد عن الاهتمام في داخل العالم العربي والإسلامي فضلاً عن بقية أجزاء المعمورة.
وقد ظهرت أولى تجارب تطبيقات البنوك الإسلامية في عدد من دول العالم في عقد السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.. وازداد الطلب الجماهيري المحموم عليها، في هذين العقدين الحاليين من قبل مئات الملايين من المسلمين فضلا عن شرائح واسعة من التجار والمستثمرين والمتعاملين من غير المسلمين في أرجاء العالم كافة.. وأخذت الأهداف التجارية والسعي نحو الربحية في تحريك شتى المؤسسات البنكية في العالم نحو فتح نوافذ ثم فروع مستقلة للخدمات البنكية الإسلامية.
وخلال السنوات الخمس الأخيرة أخذت ظاهرة المعاملات المالية الإسلامية والبنوك الإسلامية تملأ سمع وبصر العالم مما جذب البنوك العالمية الرائدة إلى الإبحار في هذا الميدان لغرض الاشتراك في مائدة الأرباح الهائلة التي توافرت في هذا القطاع وتولدت من ارتفاع أسعار هذه الخدمات البنكية الإسلامية ( نتيجة انخفاض التنظيم الحكومي لهذا القطاع والاحتكار في فتراته الأولى في بعض الدول والمناطق ) والنمو الكبير في الطلب على هذه الخدمات وانخفاض المخاطر نتيجة ربط التمويل بضمانات الأصول.
ولم يتوقف زخم التمويل الإسلامي عند خدمات البنوك الإسلامية بل امتد إلى شرائح وقطاعات مالية كبرى تمثلت في الصكوك الشرعية كبديل للسندات التقليدية، والتكافل التعاوني كبديل للتأمين التجاري، والصناديق الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة والأسواق المالية الإسلامية مما جعل الأصول المالية الإسلامية ترتفع إلى 500 مليار دولار وتنمو بمعدل دراماتيكي يصل إلى 16 في المائة سنوياً.
يلزم أن نقرر أن هذا الظهور( الشعبي ) للبنوك والمؤسسات والأسواق المالية الإسلامية لم يصحبه تطوير مواز في أنظمة البنوك المركزية والأسواق المالية بحيث تعمل على ترتيبه وتنظيمه وتوجيهه فضلاً عن وجود مبادرات قوية لتطويره ودعمه وقيادته ( ما عدا التوجهات الجديدة وفي بلدان مثل ماليزيا والبحرين ) مما جعل النمو والتطوير الشرعي والمؤسساتي والتنظيمي بأخذ شكل المبادرات الفردية وغير الرسمية من رواد هذا الحقل في القطاع الخاص أو القطاع التعاوني العام ( غير الحكومي )، فأنشئت مؤسسات في البحرين تمثلت في المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وهيئة المعايير المحاسبية الشرعية العالمية للبنوك الإسلامية ومجلس الأسواق المالية الإسلامية في البحرين ومجلس الخدمات المالية الإسلامية في ماليزيا وغيرها.. ومع جرأة هذه المبادرات وأهميتها إلا أنها ظهرت متأخرة وليس لها أبعاد دعم قوية من عامة البنوك المركزية وهيئات الأسواق المالية في الدول العربية والإسلامية إلا من قبل الدول التي تقيم فيها هذه المؤسسات ( البحرين، ماليزيا ) وهذا من أهم الأسباب التي جعلت الانتقادات تتكاثر عن ضعف المنتجات البنكية والمالية الإسلامية واتجاه معظمها إلى أن يكون تحويلاًً شكلياً في معظمه من المنتجات الرأسمالية بعيداً عن الاعتماد على جوهر وأصالة قواعد المعاملات المالية والنقدية الإسلامية.
ما ندعو إليه هو أن تأخذ البنوك المركزية وهيئات الأسواق المالية عبر العالم العربي والإسلامي بزمام المبادرة والجدية في حقول التطوير والبحوث والتنظيم المؤسسي للأسواق والمؤسسات والأدوات المالية الإسلامية لتتولد عناصر الدينامية في أسواقنا النقدية والمالية ابتداء من تفعيل وتأصيل أسس المنتجات والمؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية مع الاستفادة من عناصر تطوير الأدوات والمؤسسات والأسواق والدينامية الغربية والشرقية وإعادة صياغتها لتمثل أهداف التنمية ولتتواءم مع خصوصيات بيئاتنا العربية والإسلامي
المصدر: الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد و التمويل